قلق في واشنطن حول العلاقة بين «أقوى رجلين سياسيين»

قواسم مشتركة قليلة بين أوباما وبينر المرشح لرئاسة مجلس النواب
واشنطن: بيتر بيكر*
خلال واحدة من حفلات العشاء التي تقام في واشنطن، ويقوم خلالها الرئيس بتأدية مواقف كوميدية، قال الرئيس أوباما إنه يتعاطف مع العضو الجمهوري في مجلس النواب جون بينر. وقال أوباما مازحا: «قبل أي شيء، لدينا الكثير من القواسم المشتركة. إنه شخص محب للألوان، ولكن ليس لأي لون موجود في الطبيعة».

وأخذ الجمهور يصيح في إعجاب بهذه المزحة التي ضربت على وتر حساس، لأنه نادرا ما وصل رجلان إلى القمة في واشنطن وكان بينهما هذا القدر الضئيل جدا من القواسم المشتركة. وبينما يستعد بينر لتولى رئاسة مجلس النواب، فإن أقوى رجلين في الولايات المتحدة يفتتحان هذه الحقبة الجديدة من العمل، وليس لديهما سوى القليل من القواسم المشتركة التي لا تزيد على ولع الاثنين بلعبة الغولف وأنهما غير نهمين في شرب السجائر.

أحدهما هو ابن لطالب أفريقي مبعوث للدراسة في الولايات المتحدة، ترعرع في هاواي وتلقى تعليمه في جامعة هارفارد، ثم أقحم في حياة المدن الكبرى. أما الآخر فهو واحد من 12 طفلا لصاحب حانة بمنطقة الغرب الأوسط الأميركي، وقد قام بأعماله التجارية الخاصة قبل أن يصبح شخصية سياسية بارزة. والهوة في الخلفية والشخصية والمزاج والفلسفة تنذر بعامين غامضين، حيث سيحاول كل منهما معرفة ما إذا كان بإمكانهما العمل معا أم لا.

والتناقض بين الرجلين يقوض المقارنة الشهيرة بالحركة التي كانت في عام 1994، عندما سيطر الجمهوريون على الكونغرس، بقيادة نيوت غينغريتش، وشكلوا تحديا للرئيس الديمقراطي بيل كلينتون. وعلى الرغم من خلافاتهما الحزبية، فإن كلينتون وغينغريتش كان بينهما الكثير من القواسم المشتركة؛ فكلاهما جاء من أسرة مفككة في الجنوب الأميركي، وارتقى كل منهما إلى درجة أستاذ وأصبحا في النهاية من أصحاب الرؤى السياسية الملهمة لجيلهما. وحتى عندما اختلفا، فهم كلينتون وغينغريتش بعضها بعضا بطريقة حددت معالم السياسة في تسعينات القرن الماضي.

وكان كل من كلينتون وغينغريتش يقضي ساعات من النقاش حول بعض السياسات العامة. وفي ثمانينات القرن الماضي، تقاسم الرئيس رونالد ريغان ورئيس الكونغرس توماس بي أونيل الابن مساء المشروبات، وأخذا يتبادلان القصص الآيرلندية. لكن حتى الآن، على الأقل، لم يقض أوباما تقريبا أي وقت مع بينر، ولم يبذل كل منهما إلا القليل من الجهد لإقامة روابط مشتركة. وقال مساعدون لهما إنهم لا يستطيعون تذكر اجتماع واحد أو مكالمة هاتفية طويلة واحدة بين الرجلين.

ويعلق ستيف المندورف، أحد الأعضاء الديمقراطيين البارزين السابقين في مجلس النواب خلال فترة التسعينات، على ذلك قائلا: «أنا مندهش لأن أوباما لم يبذل المزيد من الجهد لتطوير علاقته مع بينر. كلاهما يحب لعب الغولف. لو كنت مكانه لدعوته أربع مرات في السنة للعب الغولف معا. لا يمكنك الحصول على الكثير من المكاسب، لكن سيكون هناك بعض الحديث عن تقليص الدين، وبعض الشيء عن السياسة الخارجية. وستكون هناك أوقات يكون أوباما بحاجة إليه فيها».

ونتيجة لذلك، ربما يكون من الصعب على أوباما التواصل الآن مع الجمهوريين في مجلس النواب الذين أصبحوا أكثر قوة. ويقول ريتش غالينوس، وهو استراتيجي جمهوري كان يعمل مستشارا لغينغريتش: «هذا هو الثمن الذي سيتعين على الرئيس أوباما دفعة لفترة بسبب التجاهل التام لقيادة الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ في العامين الأولين لحكمه».

ولكن يبدو أن الرئيس أوباما وبينر لا يستمعان لبعضهما منذ الانتخابات التي أجريت الأسبوع الماضي، حيث يزعم بينر أنه حصل على تفويض لتغيير سياسات الإدارة، ويتحدث أوباما أن لديه تفويضا للعمل معا. وقال بينر إن هناك «بعض الرفض» من جانب الرئيس.

وتعود جذور علاقتهما إلى الأيام الأولى من رئاسة أوباما؛ فقد وافق أوباما على عقد اجتماع مع أعضاء الحزب الجمهوري في مجلس النواب بعد أسبوع واحد من توليه منصبه، لكنه غضب عندما علم في طريقه إلى الاجتماع معهم في مبنى الكونغرس أن بينر قد أعلن للتو معارضته لخطة أوباما لتحفيز الاقتصاد، وقال ديفيد أكسلرود، أحد كبار مستشاري الرئيس: «لقد ذهب للتشاور، ووصل بعد أن تم التصويت وإصدار الحكم».

ولا تزال تلك اللحظة عالقة برأس أوباما، الذي يذكرها مرارا وتكررا كدليل على أن بينر غير منفتح بصورة حقيقية للنقاش. وفي النهاية، تمكن بينر من توحيد المعارضة الجمهورية لأولويات أوباما في أول عامين من حكمه، بما في ذلك خطط التحفيز وإصلاح نظام الرعاية الصحية والنظام المالي.

وخلال حملة انتخابات الخريف، حاول أوباما لفترة وجيزة تصوير بينر كمعارض يعرقل عمل الحكومة، وانتقده مرارا في الخطاب الذي ألقاه في ولاية أوهايو، وكان هدفه تعزيز «نفس الفلسفة» التي فشلت في الماضي، وفضلت الشركات على المعلمين ورجال الشرطة. ورد بينر على أوباما بنفس الحدة، متهما إياه بكتابة: «أكبر مشروع قانون إنفاق في التاريخ الأميركي».

وقال مايكل ستيل، المتحدث باسم بينر، إن بينر لم يأخذ هذا الأمر بشكل شخصي. وقال ستيل: «ما سيقوله بينر في هذه المرحلة هو أن لديهما علاقة ودية تماما، لكنهما لم يقوما بعمل أي شيء مهم معا. وهذا أمر يعتمد على الرئيس». وقد تنبه مساعدو الرئيس أوباما إلى اللغة التي استخدمها بينر بعد الانتخابات، وبدت معتدلة مقارنة بلغة وكلام نظيره في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، الذي قال إن على رأس أولوياته جعل أوباما رئيسا لولاية واحدة. وقال أكسلرود: «هناك ضرورة ملحة للعمل معا. لقد كان نهج الرئيس دائما أنه يريد العمل مع من يريد العمل معه».

بينر ليس قاذف قنابل كما كان غينغريتش. وقد تعاون بينر على الأخص مع عضو مجلس الشيوخ السيناتور الديمقراطي إدوارد كينيدي من ولاية ماساتشوستس في مجالي التعليم والأعمال الخيرية. لكن سياسة حزبه تجعل تكرار ذلك التعاون صعبا اليوم. وعندما لمح إلى أنه قد يدعم خطة أوباما لتمديد التخفيضات الضريبية الذي أقرها الرئيس السابق بوش، على الطبقة المتوسطة واستثنى منها الأثرياء، هاجمه زملاؤه الجمهوريون.

وبالمثل، فإن أوباما ليس سياسيا اجتماعيا مثلما كان الرئيس الأسبق كلينتون، فهو لا يدعو خصومه السياسيين أو حتى حلفاءه للعب الغولف معا.

وقال أحد الديمقراطيين الذين عملوا معه: «إنه حقا لا يحاول تسيير الأمور من خلال العلاقات الشخصية. إنه يحاول السيطرة عليك بالأفكار والوسائل اللازمة. لديه أصدقاؤه، مشرعوه، وهو يحاول من خلالهم تمرير القوانين». وقال تيري هولت، وهو مساعد سابق لبينر، إن على كل من أوباما وبينر أن يبذلا مزيدا من الجهود لتسوية خلافاتهما: «هذا النوع من العلاقات لا يأتي مصادفة أو بدافع الضرورة. إنه يتطلب وجود ثقة ويحتاج إلى بعض الوقت. وأنت لا تأتي بالثقة اللازمة والعلاقة بين عشية وضحاها».

ولا يستبعد أكسلرود خروج الاثنين في نزهة لعبة غولف، على الرغم من أنه يعلم أن بينر أفضل بكثير في لعب الغولف من أوباما، وفقا لمجلة «غولف دايجست»، وقال أكسلرود: «إنهما قد يلعبان الغولف. أشك في أنه سيكون من أجل المال».

* خدمة «نيويورك تايمز»

الشرق الاوسط

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..