مقالات سياسية

واشنطن تحاصر بورتسودان.. هل بدأ العد التنازلي لانهيار السلطة؟

في تطور سياسي مفاجئ، وإن لم يكن غريبًا عن السياق المتقلّب في السودان، أصدرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قرارًا يقضي بحظر دخول السودانيين إلى أراضيها بشكل كامل، يدخل حيّز التنفيذ اليوم التاسع من يونيو 2025.

هذا القرار، الذي يعيد إلى الأذهان سنوات العزلة والوصم السياسي، لا يمكن قراءته بمعزل عن التحولات الدراماتيكية التي عصفت بالساحة السودانية منذ انقلاب الجنرال عبد الفتاح البرهان، المدعوم من النظام الإسلامي القديم (الكيزان)، على الحكومة المدنية الانتقالية بقيادة الدكتور عبد الله حمدوك.

لقد جاءت حكومة حمدوك على أكتاف ثورة شعبية عريضة، مثّلت في أعين المجتمع الدولي نافذة أمل نادرة وسط عتمة القرن الأفريقي. ففي عهدها، رُفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، وتدفقت بوادر الدعم الدولي، وبدأت البلاد أولى خطواتها نحو الخروج من النفق المظلم الطويل. غير أن الانقلاب، الذي دبّرته قوى الردة السياسية في تحالف بيّن بين المؤسسة العسكرية ومراكز الإسلام السياسي، مزّق ذلك الخيط الرقيق الذي كان يربط السودان بالعالم المتحضّر.

ولم يأتِ قرار الحظر الأمريكي كردّ فعل على الانقلاب العسكري وما تبعه من حرب ضارية لا تزال نيرانها تشتعل، بل جاء بعد معلومات وتقارير استخبارية وأدلّة موثّقة تؤكد تورّط الجيش السوداني والمليشيات الإسلامية المتحالفة معه في استخدام أسلحة كيماوية محرّمة دوليًا في حربهم التي أشعلوها ضد قوات الدعم السريع؛ الأمر الذي يُعدّ خرقًا جسيمًا للقانون الدولي الإنساني، وتهديدًا مباشرًا للسلم والأمن الإقليميين.

ويُضاعف من وطأة هذا القرار أن إدارة الرئيس ترامب الجمهورية – التي عادت إلى البيت الأبيض بعد الإدارة الديمقراطية السابقة التي عُرفت بتساهلها مع الأنظمة الإسلامية المتشددة – تسعى لإثبات نهج أكثر صرامة تجاه الأنظمة المرتبطة بتاريخ من العنف والإرهاب.

ولعلّ الذاكرة الأمريكية لا تزال تحتفظ بملف النظام الإسلامي السوداني في نسخته “الكيزانية” السابقة، حين كان ملاذًا لتنظيمات إسلامية إرهابية، ومسرحًا لتخطيط الهجمات على سفارات الولايات المتحدة في نيروبي ودار السلام عام 1998. يومها، دفعت الخرطوم ثمنًا باهظًا: عزلة دبلوماسية، عقوبات اقتصادية شاملة، وقصفًا جويًا استهدف منشآت داخل البلاد.

واليوم، مع عودة رموز ذلك النظام إلى دائرة السلطة والنفوذ تحت غطاء الجيش الذي يقوده البرهان، يبدو أن المجتمع الدولي، وفي طليعته واشنطن، مصمّم على عدم تكرار خطأ التساهل والتطبيع مع قوى لا تؤمن بالديمقراطية ولا تعترف بحقوق الإنسان، وتهدّد السلام العالمي.

وتفيد تقارير ومصادر عديدة بأن الإدارة الأمريكية تعكف حاليًا على إعداد حزمة جديدة من العقوبات ضد السودان (سلطة بورتسودان)، تشمل تجميد الأصول، حظر التعامل مع الشركات الحكومية، فرض قيود على التحويلات المالية، بل وربما التوصية بفرض حظر شامل على تصدير السلاح إلى الجيش السوداني من خلال مجلس الأمن.

إن الحرب الدائرة اليوم ليست مجرد صراع على السلطة بين أجنحة داخلية، بل هي معركة بين مستقبل ديمقراطي مأمول، تقوده قوى مدنية، وماضٍ دموي يستميت للعودة إلى السلطة من جديد، تتزعمه بقايا نظام لا يعرف سوى البطش والتمكين والإقصاء. وما التحالف القائم بين الجيش والكيزان، إلا استعادة صريحة لدولة أمنية مغلقة، تُدار بالعقيدة والسلاح لا بالدستور والمؤسسات.

وفي هذا السياق، يصبح الحظر الأمريكي، بما سيتبعه من عقوبات، ليس مجرد ردّ فعل، بل أداة ردع استراتيجية تهدف إلى عزل السودان مجددًا عن النظام الدولي، ما دام يحكمه نظام عسكري ديني لا يعترف بالمواثيق ولا يلتزم بالقوانين.

أما الأفق السياسي، فيبدو قاتمًا ما دام الوضع الحالي أمام السودانيين محصورًا بين عسكرٍ لا يؤمنون بالدولة المدنية، و”كيزان” يعيدون تدوير الخراب. فإن كان حكم البرهان وحده يعني انهيار وتمزق السودان، فإن عودة الإسلاميين إلى سُدّة الحكم مرة أخرى تعني إغلاق السودان ووضعه تحت حصار دائم، وربما فنائه.

غير أن تحالفًا وطنيًا واسعًا، يجمع بين القوى المدنية الحقيقية من غير الكيزان وأذنابهم، مدعومًا من المؤسسات العسكرية المتحرّرة من قبضة الإسلام السياسي (الكيزان)، هو وحده القادر على منح السودان فرصة للنهوض من جديد، وإنقاذه من مصير الدولة الفاشلة.

إن السودان اليوم يقف على حافة الجرف، والحظر الأمريكي ليس سوى إنذار أخير… قبل السقوط.
العين الاخبارية

‫8 تعليقات

  1. انا بختلف معاك الراي ياسيد منعم وامريكا طوالي عمرها ضد السودان وشعب السودان مع انو نحن شعب مسكين وطيب واهبل ماتقول لي كيزان الكيزان اهبل ناس بس بيعرفوا الكلام وبس ولكن يقوموا بي عمل اجرامي ويفجروا حاجة في امريكا لا دي مابيقدروا عليها وديل ناسها الارهابين الصحي صحي مثل شعب السعودية ومصر والفلسطين وغيرهم من الشعوب تقدر تقول لي منو الدول التي هجمات 11 سبتمبر في امريكا مش السعودية ومصر ليه ماعملوا ليهم حصار طويل برضو لالا موضوع الحصار فيه حقارة علي السودان وليس لانو الكيزان حاكمين وهو ذاتو يعني عشان الحكومة كيزان خلاص تقوم تقتل الشعب بي الحصار الطويل الطويل 30سنة حصار بلا رحمه وين حقوق الانسان وين الدول العظمي ورغم انو بشة كان بيسمع كلام امريكا قالت ليه افصل الجنوب وسوف نعفي الديون ونفك الحصار ووو ينوا ليه امريكا لم تنفذ وعدها الحقارة ومين اعطي الشرعية الي امريكا عشان تحاصر الدول علي كيف كيفها منو؟ واذا قالوا سوف يقوموا بتجميد الأصول، نحن ذاتو ماعندنا قروش في امريكا او حتي اي دولة القروش داخل السودان وبس واذا قالوا حظر التعامل مع الشركات الحكومية الامريكية او الاجنبية نحن ماعندنا تعامل مع امريكا في اي شئ غير الصين والصين بتقدر تدخل وتمرق ذي ماكانت شغاله في عهد بشة بناء القصر الجمهوري والمطار وناقلات البترول وغيروا، اما حكاية فرض قيود على التحويلات المالية هي وين التحويلات المالية دي من زمن بشة واقفه وحتي بعد ماجاء حمدوك ماعمل شئ يعني هي واقفه واقفه، بل واما حكاية التوصية بفرض حظر شامل على تصدير السلاح إلى الجيش السوداني من خلال مجلس الأمن.السودان 30سنة في عهد بشة محظور ولكنه كان بيصنع السلاح محلي ورغم دي كانوا كل شوية يفجروا لينا المصانع وماخلونا في حالناحتي مع السلاح المحلي وبعدين ذاتو بعد الحرب دي تنتهي وتقضي علي المليشة نحن ليس في حاجة الي سلاح او نشتري سلاح لا قروشنا دي نعمل بيه الاعمار والبناء وخلي الشراء للسعودية ودول الخليج وما المشكلة ذاتها مع امريكا لاننا لانشتري منها سلاح او نعمل معاها صفقه عشان كدا هي حرادنا معانا نحن لازم نشتري من امريكا ونكون ذبون عندها عشان تحترمنا مثل السعودية ولي ماكدا ياجماعة نحن عندنا عظماء في السودان وعقولهم توزن دهب ونسبة الذكاء عندهم عاليه وبس عليهم يشتغلوا ويقلدوا ويذيدوا المواهب حقتهم وسوف ينحجوا وهو الطلاب السودانين حتي المسيرات الحربيه عملوها الناقص شنو بي جركانة وشوية رجول سرير وغيروا محلي محلي ولكنة يعمل احسن من المستورد هههههه https://www.youtube.com/watch?v=3m53Vs6v1J4

  2. الحل الوحيد هو انهيار الداعم الاساسي لجيش المخانيث الذي، يمثله النظام المصري الدكتاتور السيسي، فالسودان باكمله اسير لدي هذا النظام، ومصر لن تسمح بحكومة مدنيى ديمقراطية بجنوبها، ولن ترضى بنظام يملك قراره في الارض والمياه المشكلة الاسياسية والحياة والموت بالنسبة لها

  3. ماعارف كيف الناس بتسمح لنفسها تقول عليك اعلامي!!
    انت فى كل شي ضليع عدا فى الافكار تحتاج الى تحسين مستواك الفكري .

    1. هذه مشكلة الكيزان اي واحد ما يتفق معهم ويختلف معهم على طول يعلنوا عليه الحرب وتوجيه اللجان الالكترونية ضده لاغتيال شخصيته والتشكيك في اخلاقه ودينه و مقدراته المهنية ووطنيته واتهامة بالعمالة والارتزاق ومعروف في السودان أن المرتزق والانتهازي مع من يسيطر على الثروة والسلطة لاكثر من 35 سنة

  4. يعني لو حظر ترامب السودانيين من دخول امريكا ستنهار السلطة في بورتسودان !!! هههههههه اللهم زدنا علما حكومة الكيزان ظلت محاصرة ٣٠ سنة وما اسقطها الا شباب الثورة وامريكا ماقدرت تعمل شيء فبمجرد قرار بحظر السودانيين تسقط حكومة انتوا يا بيجو الصنف السمح البتضربوه ده ادونا منه بعدين والله لو حظر ترامب المغفل الشباب السودانيين هو الخسران بلدهم مافضل فيها غير عواجيز مافيها شباب خالص فشباب السودان خسارة فيهم ومثل كل قرارته الكرتونية سيتم الغاء هذا القرار الغبي فما تنشكح زيادة لانك اصلا مشكوح يا نص مكنة

    1. دول الخليج التي تدور في فلك أمريكا سوف يتوقف تعامل بنوكها مع السودان و يتوقف تمويل الحرب اللعينة

  5. ما هي القوي الوطنية الحقيقية المقصودة . هل هي قوي الهبوط الناعم التي أصرت في عز مجد الثورة وبعد مجزرة القيادة العامة علي وضع يدها مع لجنة النظام الأمنية وتمييع الفترة الانتقالية بالارتهان لقراراتها ام موقف حمدوك عند توقيعة المسودة الدستورية مع أصحاب الانقلاب البرهان وحميدتي التي سميت بالإعلان الدستوري حينها أصبح حمدوك طوق نجاة للانقلاب ..لقد عائشنا العقوبات الأمريكية منذ بداياتها ايام الرئيس كلنتون وحتى عهد ترامب الثاني لم تفلح قط سوى في الضغط على المواطن والوطن ..وراي المتواضع ان أمريكا لن تخدم الوضع داخل البلاد بشئ حتي لو استخدام النظام أسلحة نووية موش كيميائية محدودة التأثير لان مصالح خدام أمريكا في دولتنا أكبر من مصالح أمريكا فهي فقط تمهد الطريق لسدنتها فقط وهم عليهم بالباقي وفق نظرية تبادل المصالح فالسعودية والإمارات ومصر هم مربط الفرس بالإضافة لعملائهم أصحاب المصلحة الامبريالية بالداخل….

  6. يا استاذ منعم إسمو رئيس الوزراء المستقيل صاح ولا ما صاح
    وهذا رئيس الوزراء المستقيل وقع إتفاق مع البرهان وحميدتى فى قاعة الصداقه لتشكيل حكزمه والفرحة تملى وجهه بينما وزراء الفتره الانتقاليه كانو فى السجن صاح ولا ما صاح ولمن الموضوع طرشق استقال بكامل ارادتو وقال خذوا امانتكم وغادر بلا رجعه صاح ولا ما صاح ورجع بتعليمات من الإمارات لأنو المعاهو ديل كلهم طلس فى طلس.
    والحل فى حل الحزب الشيوعى والكيزان والبعثين والناصرين والجمهوريين وأى تنظيم شمولى ايدلوجى.
    إنت قلت صحفى استقصائي اتكلم بحقائق وبطل كسير التلج
    والفوره مليون

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..