المقالات والآراء

صفحات من كتاب الفساد الانقاذي

قبل سنوات سمعت مهندسا سودانيا كان يعمل في النقل الميكانيكي يحكي عن فترة عمله، قال انه سافر الى بريطانيا مبعوثا من النقل الميكانيكي لشراء قطع غيار ومعدات أخرى. قال ان المؤسسة التي اشترى منها درجت حسب ما فهم هناك، على دفع عمولة شخصية لمندوبي المؤسسات او الشركات التي تشتري منهم.

حين عرضوا عليه العمولة، أبلغهم انه يريد خصم قيمة العمولة من المبلغ الذي سيدفعه نيابة عن مؤسسته. هكذا خرّجت تلك المؤسسة العريقة وغيرها من مؤسسات الدولة مئات الألوف من المهنيين الشرفاء المؤهلين الذين كان ولائهم لعملهم ولوطنهم وليس لمصالحهم الذاتية، مثلما حدث بعد ان قامت الإنقاذ بتصفية وبيع تلك المؤسسات التي ضحى شعبنا من اجل انشائها وتأهيل اداراتها وموظفيها وعمالها.

لم يكن قرار التصفية فقط لبيع هذه المؤسسات الرابحة التي توظف الآلاف من أبناء السودان المؤهلين الذين أشرفت مؤسساتهم على تدريبهم وتأهيلهم. لكن لأن هذه المؤسسات نفسها كانت تمثل نوعا من الرقابة وحائط صد ضد الفساد الحكومي.

 فمؤسسة مثل النقل الميكانيكي كانت تشرف على آلاف السيارات الحكومية وتتأكد من حسن صيانتها واستهلاكها للوقود بما يوفر الملايين لخزينة الدولة، كما انها كانت هي الجهة المسئولة عن التصديق على استيراد العربات الحكومية، فحين ترغب جهة حكومية في استيراد سيارات من الخارج تقوم المؤسسة بفحص مواصفات السيارات من كل النواحي، صلاحيتها، استهلاكها للوقود، توفر قطع غيارها الخ. ثم تعطي قرارا نهائيا بعد عدة أشهر من الفحص والتدقيق.

ينطبق ذلك على كل المؤسسات الحكومية التي استهدفتها دولة التمكين الكيزانية بالبيع والتصفية، لفتح الطريق أمام منسوبيها للسمسرة والاستيراد بدون ضوابط أو جهة تدقق في المواصفات، فقط من اجل التربح السريع وجني ملايين الدولارات في عمولات وصفقات لا تستوفي الحد الأدنى من الشروط التي تكفل الجودة، فكانت فضائح استيراد البصّات والسيارات والتي تحولت بعد فترة وجيزة الى تلال من الخردة.

اذكر ان موظفا سابقا في وزارة الخارجية حكي لي انه كان مسئولا عن عطاءات تزويد الوزارة بالمعدات المكتبية قبل الإنقاذ. وكان ملزما بحسب اللوائح ان يقدم النصح بعد فحص العطاءات المقدمة من عدة شركات. بأفضل عطاء من ناحية السعر والجودة. بعد انقلاب الإنقاذ، تم وضع تلك اللوائح على الرف، وأصبح العطاء يكون تلقائيا من نصيب احدى شركات منسوبي التنظيم حتى ان كان السعر هو الأعلى والجودة هي الأقل! كان طبيعيا والحال كذلك ان تتدنى جودة الخدمات التي يفترض ان الدولة تقدمها في كل المجالات.

تلك كانت مجرد مناظر لفساد ابتلع موارد البلاد ومؤسساتها، أفقر شعبنا وحرم فقرائه من حقوقهم، وانتهى باستيراد حاويات المخدرات.

كان ذك الوباء هو السبب المباشر لكل الحروب والمصائب التي أقعدت ببلادنا وهددت وحدتها واستقرارها.

يتبع..

#لا_للحرب

#لجنة_تفكيك_التمكين_تمثلني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..