في مشهدٍ غير مألوف على الخريطة السودانية، أعلن اليوم عن تشيكل تحالف سياسي وعسكري بين قوى من دارفور تعود جذورها إلى القبائل العربية، وقوى من جنوب كردفان تمثلها الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ذات الامتداد النوبي المعروف “تأسيس”.
هذا التحالف ليس فقط خروجًا على أنماط الاصطفاف التقليدي، بل هو اختراق عميق في جدار من العداءات التاريخية والمرارات المتراكمة التي كثيرًا ما غذّاها الاستقطاب السياسي والحرب الأهلية، لا الواقع المجتمعي الحي.
لطالما صوّرت العلاقة بين النوبة وبعض القبائل العربية في دارفور كحالة صدام مستدام، ارتبطت بعقود من الصراع الدموي والهويات المتناحرة. غير أن هذا التحالف، في لحظته الراهنة، يكشف لنا عن طبيعة السياسة كحقل للممكنات المتغيرة، لا كمسطرة جامدة تحكمها الأحقاد القديمة. ففي السياسة، لا صديق دائم ولا عدو دائم، بل مصالح تتبدل، وتحالفات تتقاطع حين تتقاطع الرؤى والمصالح في لحظة ما.
ربما يزيد من عمق هذا التحالف ما يُتداول عن امتداد جذور القائد عبد العزيز الحلو إلى قبيلة المساليت، وهو أمر لا يحمل قيمة إخبارية فحسب، بل دلالة رمزية عميقة: أن خطوط الدم قد تعود لتنسج من جديد قماشة جديدة من التعايش، وأن الهوية المركّبة قد تُستخدم جسراً للتقارب بدل أن تكون خندقاً للفرقة. فإذا صح هذا الامتداد، فهو يضخ بُعدًا إضافيًا في هذا التحالف، الذي ينظر إليه كثيرون كتقارب تكتيكي لكنه في حقيقته مرآة لتحول استراتيجي في المزاج السوداني العام.
كثير من المراقبين ينظرون إلى هذه التفاهمات بعدساتهم السياسية الضيقة، يحمّلونها نوايا خفية ويقرأونها بعيون الخصومة. لكن حين نرفع رؤوسنا قليلًا وننظر إلى الأفق الأوسع، يتضح لنا أن هذا النوع من التحالفات يمكن أن يكون صمّام أمان لوحدة البلاد، وتحصينًا لها ضد الفيروس القديم المتجدد.
إن اصطفاف النوبة وبعض عرب دارفور تحت مظلة واحدة، لا يعني طيّ صفحات الألم بين ليلة وضحاها، ولكنه بداية جادة في مشروع المصالحة المجتمعية غير الرسمية، والتي لطالما عجزت مؤسسات الدولة عن إدارتها. تمامًا كما أن وجود حركات دارفور في تحالف بورتسودان، على الرغم من الفجوات السياسية بين الطرفين، يعكس إدراكًا ضمنيًا بأن لا أحد يمكنه إدارة البلاد منفردًا أو فرض تصوراته بالقوة وحدها.
قد يرى البعض أن ما يحدث اليوم تحالف ضرورة فرضته الحرب وغياب الدولة، لكن القراءة الأعمق تقول إنه تحالف وعي، أو بداية تبلور وعي سياسي جديد يتجاوز الاصطفافات الأيديولوجية والجهوية، ويبحث عن أدوات جديدة لحماية ما تبقى من السودان. فالواقع أثبت أن التحالفات المصنوعة على أساس إثني صرف أو مذهبي محض، لم تُنتج إلا مزيدًا من التفتت.
إن التحالف بين النوبة وعرب دارفور لا يقدم وصفة جاهزة للخلاص، لكنه يقدّم نموذجًا في كسر التابوهات وتجاوز الخطوط الحمراء التي رسمتها النُخب لنفسها. هو تحالف قد لا يكون مثاليًا، لكنه جريء في التوقيت، وصادق في الحاجة، ويمنحنا فرصة لتخيّل وطن لا تحكمه جغرافيا الخوف والضغينة، بل عقل المصالح المشتركة والمستقبل المشترك.
وإن كان التاريخ لا يُمحى، فبوسعنا دائمًا أن نكتبه من جديد، هذه المرة بأقلام لا تغمس في الحقد، بل في حبر الوعي.
وانت تبع منو عرب دارفور ولا جنوب كردفان ؟..
.. اخي لا تتعجل ،بكرة حتسمع بنشوب خلافات بينهم، وبعدها يلعلع الرصاص، ويبتدي النهب، والاغتصاب ،والقتل علي الهويه.
.. طبعا شماعة الجلابة جاهزة ،حتكون الروايات انو الجلابه هم من اشعل الفتنه.