مقالات سياسية

تحليل حول محاولات اختراق الشمال النوبي وتجفيف الوعي الوطني

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

أولًا: خلفية وتحذير

في الآونة الأخيرة، انتشرت تصريحات ومقاطع تُنسب لبعض الشخصيات التي تحاول اختراق النسيج الاجتماعي في الولاية الشمالية، مستهدفة تكوين مليشيات خارجة عن المؤسسة العسكرية السودانية، بدعوى “حماية الشمال” أو “تحريره”. لكن الحقيقة أن مثل هذه الدعوات ليست سوى محاولة مكشوفة لتفكيك وحدة السودان وتوريط الشمال النيلي في مشاريع خفية مدفوعة بأجندات إقليمية وأمنية مشبوهة.

ثانيًا: ردود الفعل الشعبية الواعية

ما يبعث على الأمل أن الشارع النوبي في وادي حلفا وفي بقية المحليات واجه مثل هذه المحاولات دائمًا بوعي راسخ ورفض جماعي. ومن أبرز الشواهد:
1. رفض التجنيد العقائدي أو المرتزق.
2. ممانعة أي وصاية خارجية.
3. الدفاع عن الذاكرة والهوية.
4. إعلاء الكرامة الإنسانية.
5. التشبث باللسان النوبي والرمزية الثقافية.

ثالثًا: الدلالات السياسية والاجتماعية

ما يحدث اليوم هو جزء من صراع أكبر: بين مشروع “الدولة الأمنية المليشياوية” الذي تقوده بقايا النظام البائد ومرتزقته، وبين مشروع السودان المدني الديمقراطي، المتعدد والمتجذر، الذي يتبناه تحالف تأسيس وقوى السودان الجديد. الدعوات إلى تشكيل مليشيات قبلية ما هي إلا امتداد لسياسات “فرّق تسد”، وهي تهدد السلم الأهلي، وتستهدف خصائص المجتمعات النوبية التي ظلت عبر التاريخ عصية على التدجين والاستتباع.

رابعًا: التحليل الإضافي

إن ظهور شخصيات إعلامية تسوّق لمثل هذه المشاريع بمزاعم الوطنية أو الدفاع عن الشمال يكشف عن فجوة في الوعي الإعلامي الوطني. الإعلام المقاوم لم يعد ترفًا، بل ضرورة وجودية في ظل توظيف المنصات الرقمية لبث الخطاب الفتنوي. تكرار محاولة تحويل الشمال إلى مسرح لمليشيات أمر خطير، لأنه يسعى لعسكرة منطقة عُرفت تاريخيًا بالهدوء، وبأنها حاضنة لحركات التعليم والإنتاج والثقافة.

خامسًا: ملاحظات

اشار باحث تنموي مرموق في الشريط الشمالي النيلي إلى ضرورة التعامل مع قضايا الإنتاج الزراعي ضمن إطار **فدرالي** يراعي اختلاف البيئات والمناخات من إقليم لآخر، مقترحًا أن تقوم الوزارات الإقليمية بمهام التخطيط والتنفيذ، بدلًا من المركزية التي أورثت التهميش. وقد أشار إلى تجارب ناجحة في الهند، البرازيل، إثيوبيا، وألمانيا، كأمثلة على دول اعتمدت النظام الفدرالي لتحقيق نهضة زراعية مستدامة.

وفي السياق نفسه، شدد على ضرورة المبادرة فورًا وعدم انتظار إعلان الحكومة، خاصة أن المطر لا يأتي سوى مرة واحدة في السنة، وأن غالبية أعضاء تحالف تأسيس مزارعون بالفطرة.
وأكد على إطلاق نموذج رائد عبر الجمعيات التعاونية الزراعية في قطاع حلفا سكوت المحس، بدءًا من أشكيت.
كما نوه إلى أهمية التفاعل مع حملة منظمة الفاو التي تستهدف توزيع بذور إلى 1.5 مليون أسرة في السودان، متسائلًا عن خطة تحالف تأسيس للتفاعل مع هذه المبادرة الدولية ودعم الزراعة في مناطق وجوده.

سادسًا: مقترحات عملية واستراتيجية

1. يقظة مجتمعية وتنظيم محلي.
2. خطاب إعلامي إيجابي.
3. الدعم المباشر للإنتاج والزراعة.
4. التنسيق مع مبادرات الفاو ومنظمات الأمم المتحدة.
5. مبادرة وطنية لتحصين الهامش.
6. التفكير فدراليًا لا مركزيًا في التخطيط التنموي.

خاتمة
ليست هذه أول مرة يُستهدف فيها وجدان أهل الشمال، ولن تكون الأخيرة. لكن التاريخ يقول إن أبناء النوبة وأرض المحس والحلفاويين والدناقلة قد واجهوا كل ذلك بالكرامة والبصيرة. وستبقى وادي حلفا — رمز النهوض والعطاء — حصنًا منيعًا أمام كل من ظن أنه قادر على تحويل شرفاء أهلها إلى أدوات في يد الطامعين.من الوعي تبدأ الحرية، ومن الأرض يبدأ التصالحً

د. أحمد التيجاني سيد أحمد
عضو تحالف تأسيس السودان
٢ يوليو ٢٠٢٥ قرية نوكيا فنلندا.
[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..