مقالات سياسية

همسة في أذن كامل إدريس …!!

د. حامد برقو عبدالرحمن

(١)

كنت و مازلت (و دون أي حظ للتملق و ذلك لعدم الحاجة) ؛ ضمن ما فرحوا بإختيار الاخ الدكتور كامل إدريس لرئاسة الحكومة الانتقالية في هذا الظرف المفصلي من تاريخ محن بلادنا .

ليس لأنه الأوحد بين بنات و أبناء السودان لكنه ضمن المناسبين للمنصب و لأنه المتاح في الوقت الراهن.

على ذلك إتصلت بأحد أصدقائي من الاسلاميين الحقيقيين( اي من الذين لا يكذبون و لا يسرقون و لا يفرقون بين أبناء الوطن) مستفسراً عن رأيه في تعيين الاخ كامل إدريس، لكن و للأمانة لم اسمع منه اطراء في حق الرجل أو ألتمس تفاؤلاً قد يغرس الأمل.

أن أكثر ما أخافني به صديقي هو اغتراب الدكتور كامل عن قضايا الوطن أو انفصامه عنها.

إلا أن مرافعتي كانت تستند على الحضور الخارجي (المعقول) لدولة رئيس الوزراء الجديد بإعتباره موظف أممي سابق معروف لدي دوائر بعض الموسسات الغربية خاصة في ظل الغياب التام لوزارة الخارجية السودانية عن الساحتين الإقليمية و الدولية منذ آخر وزير خارجية مؤهل . و المفارقة فإن ذلك الوزير المؤهل هو البروفيسور ابراهيم غندور ( بصرف النظر عن كونه عضو قيادي بالنظام الذي أرتكب بحق السودانيين كل الموبقات و منها صناعة مليشيا الدعم السريع ).

غياب الدبلوماسية السودانية عن الساحة الدولية و الإقليمية أحدث فراغاً أستغلته المليشيا التي تفتك بالمواطنين السودانيين تحت قيادة (رجل ميت في الأصل) مثلما فعل قوى الشر الإقليمي لدعم تلك المليشيا .

لملء ذاك الفراغ فرحت بكامل إدريس ليكون رئيساً للوزراء و ضابطاً لإيقاع الخارجية السودانية بعد خمس سنوات من التوهان .

(٢)

بمقال سابق بعيد تعيينه كنت قد عبرت فيه عن مخاوفي من اختطاف رئيس الوزراء و أسره من قبل مافيا الشلليات خاصة ليس للاخ كامل أي حاضنة حزبية أو سابق ممارسة سياسية غير إشتراكه مرة أو مرتين كديكور في المهازل الانتخابية للنظام البائد كمرشح مستقل لرئاسة الجمهورية و ذلك لشرعنة بقاء رأس النظام القمعي الشمولي السابق .

يبدو أن الاخ الدكتور كامل إدريس لم يغترب عن الوطن لسنوات عدة بجسده وحده فحسب ، بل هنالك إغتراب وجداني يطل برأسه بين ثنايا أحاديث الرجل و تعاملاته اليومية منذ عودته الأخيرة.

في الوقت الذي فيه اكثر من ثلث مساحة البلاد تقبع تحت قبضة التمرد؛ انصرف رئيس الوزراء و شلليات السمك في بورتسودان للذي ينال من البنيان المرصوص من قبل الجيش و القوات الوطنية المساندة له في حربنا الوجودية التي فرضت علينا.

في ظل التباين في الهوى و الرؤى بين رجال خطوط النار و الآخرين في ظلال فنادق بورتسودان ؛ خشيت و بصدق بالغ أن يقدم رئيس الوزراء المعين إستقالته و يغادر البلاد الي حيث أتي؛ بعيداً عن أوجاع السودان.

لكن الواضح لن يحدث شيئاً من ذلك القبيل لا لشيء غير أن السيد كامل إدريس ليس منغمساً في قضايا الوطن و آلام أهله بالقدر الذي يجبره على الإستقالة.

إنه الاغتراب المطلق ..!!

(٣)

من الجميل أن يتولى الوزارات أصحاب الخلفية الأكاديمية و الخبرة العملية.

و صحيح أن السيد رئيس الوزراء قد بشر السودانيين بحكومة كفاءات وطنية وهو أمر محفز و واعد في مجمله.

لكن بإستثناء وزارتي العدل و المالية، و الي حد ما وزارتي الدفاع والداخلية؛ ليست بالضرورة أن يكون الوزير لوزارة ما من الذين يحملون درجة الدكتوراة أو الأستاذية في مجال ذي صلة بمهمة تلك الوزارة.

برأيي المتواضع فإن العمل الوزاري يحتاج الي خليط من الخبرة السياسية و الإدارية و ليست الأكاديمية الصرفة.

يمكننا تكوين مجلس إستشاري من حملة الشهادات العليا ذات الصلة بمهمة الوزارة المعنية ليقوم المجلس بالمساعدة في وضع الخطط و البرامج و السياسات للمشاريع المختلفة التي تنفذها الوزارة ،بينما يعمل الوزير على توفير الدعم السياسي و ضمان الميزانية اللازمة لتنفيذ أعمال و سياسات الوزارة بالتنسيق التام مع الحكومة و مع اي جهات خارجية .

الأمر الآخر فإن مخاوفنا المشروعة تكمن فى إتخاذ الكفاءة الأكاديمية ذريعة لتكريس الهيمنة الجهوية للحقائب الوزارية إعادةً لتدوير نفايات الممارسة السياسية منذ استقلال البلاد .

رغم الدعم الكبير الذي أظهرته لاحقاً تجاه الاخ عبدالله حمدوك رئيس وزراء حكومة القحت إلا أنني كنت أتمنى أن يترأس الحكومة أنذاك الاخ الباشمهندس عمر الدقير، ببساطة لأنه سياسي، على نقيض التكنوقراط و الموظف الاممي الدكتور عبدالله حمدوك . ذلك قبل يرتمي الاخ الدقير و من معه في أحضان مليشيا عربان شتات غربي افريقيا طمعا بائسا في الحكم.

ثمة همسة أخرى في أذن السيد رئيس الوزراء وهي ان شعبنا في انتظار رئيس حكومة جسده في بورتسودان أو الخرطوم لكن قلبه هناك في الخطوط الأمامية مع الإستشهاديين الذين يخوضون معركة الكرامة نيابة عن أمتنا.

المجد لجيشنا و لقواتنا المساندة ..!

[email protected]

‫2 تعليقات

  1. يبدو ان الفلنقاي برقو هو من شلة ناس الحركات .. فكي جبرين “المعروف في وزارة المالية بـ “علي بابا والاربعين زغاوي” ..
    عجيب هو امر برقو يقول في هذا المقال:
    “في ظل الغياب التام لوزارة الخارجية … منذ آخر وزير خارجية مؤهل . والمفارقة فإن ذلك الوزير المؤهل هو البروفيسور ابراهيم غندور”
    جهل عجيب بتاريخ معاصر قريب !!
    ابراهيم غندور”المؤهل” هو انصح مثال للكوز الجرثومي الطفيلي المتسلق … وغندور تسلل الي منصب وزير خارجية في عهد إنعزل السودان خارجيا تماماً وهبط الي اسفل سافلين الانحطاط بين الامم وأرتبط بالتطرف والإرهاب ..
    وغندوؤ خبرة في التسلق والتملق من طبيب اسنان عادي
    – الي استاذ جامعي بالمحسوبيةووالولاء الحزبي الكيزاني
    – الى مدير جامعة الخرطوم بتعييين سياسي وقفز بالزانة
    – الى رئيس اتحاد عام نقابات عمال السودان وهذه من اغرب الغرائب الكيزانية “نقابي عمالي” وهو طبيب، وكله بالتعيين والاستهبال في ابهي درجات والانحطاط الانقاذي الشامل الكامل ..
    وبعد رئاسة نقابات العمال انتقل الغندور:
    – الي نائب رئيس الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني..
    – الي مساعد رئيس الجمهورية
    وبعدها أخيراً أصبح وزيراً للخارجية ..
    الفوضي الانقاذية التي جعلت من غندور وزير خارجية هي ذات الفوضي التي جعلت من بعض آنسات السوق العربي يفتتحن مكتب استشارات لبيع الشهادات ماجستير دكتوراه حسب الطلب وتقاسم العائد مع “بروفسيرات” جامعات الهردبيس علي غرار جامعة كرري فصارت وداد بابكر الفاشلة حتي في الاعدادية وقطيع من الفلنقيات صاروا يضعون حرف الدال امام اسمائهم !!
    ما هذا الاستعباط الذي لا قرار له ؟؟؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..