معز عمر بخيت… مهمة وطنية في زمن جائر وصعب

خالد ابواحمد

لا أملك إلا أن أدعو الله سبحانه وتعالى لأخي العزيز البروفيسور معز عمر بخيت بالتوفيق والسداد في مهمته الوطنية والإنسانية. أدري، وكما قلت له بعد إعلان تعيينه وزيرًا للصحة، لا أهنّئك على المنصب، فليس هناك ما يدعو للتهنئة، بل أدعو الله أن يعينك ويوفقك، لأن هذه الخطوة تمثل مخاطرة حقيقية، وفي وقتٍ يتفق فيه الجميع على صعوبة العمل مع حكومة ذات توجه عسكري أحادي.

لكنني أعرف جيدًا أن البروفيسور معز رجلٌ وطني حتى النخاع، صاحب تصميم وعزيمة لا تلين. ومعرفتي به تمتد لأكثر من ربع قرن، رأيت خلالها العديد من الإنجازات التي حققها، وأعلم الكثير مما لا يعرفه الناس، عن وقوفه المستمر إلى جانب قضايا السودان، في أصعب الظروف، ومن البحرين تحديدًا، ملبّيًا كل الدعوات التي تصله، سواء من مؤسسات صحية وطبية، أو من منظمات المجتمع المدني، أو حتى من أفراد في حاجة إلى الدعم.

للبروف معز برنامج واضح، بل خطة طموحة أعلن عنها قبل سنوات، تهدف إلى تطوير القطاع الصحي بشكل شامل. ويكفي أنه كان على وشك إنشاء أكبر مستشفى تخصصي في السودان لطب وجراحة المخ والأعصاب وإعادة التأهيل، والذي كان من المفترض افتتاحه في الخرطوم عام 2024، إلا أن الحرب حالت دون ذلك. وفي الحلقات التوثيقية المصورة التي أجريتها معه مؤخرًا، كشف لي عن العديد من الخطط التي ينوي تنفيذها إذا استقرّ الوضع في السودان، ما يدلّ على أن عطاءه لم ينقطع حتى في أحلك الظروف.

وأعرف عنه أنه إذا واجهته معوّقات تحول دون تنفيذ برنامجه، فسيتقدّم باستقالته فورًا، فهو لا يعرف إلا العمل الجاد وتحقيق الإنجازات. فقد أسّس من الصفر مركزًا طبيًا متخصصًا أصبح اليوم من أهم المؤسسات الطبية والعلمية في العالم العربي وشمال أفريقيا، وهو مركز الأميرة الجوهرة للطب الجزيئي وعلوم المورثات التابع لجامعة الخليج العربي. ومن خلال موقعي كصحفي وإعلامي، كنت قريب الصلة بهذا المركز والبروفيسور شخصيًا، ونشرت العديد من الأخبار والتقارير عن مسيرته، كما كتبت سيناريو الفيلم الوثائقي الذي عُرض خلال حفل افتتاح المركز.

البروفيسور معز يدرك تمامًا أن النجاح لن يكون سهلًا، وأن العراقيل ستكون حاضرة منذ اليوم الأول، شخصيا أدرك أن فرص النجاح محدودة في ظل الصراع الشديد المحتدم بين أطراف حكومة الأمر الواقع، هو ما يجعل كل السودانيين على بصيرة وقناعة قوية بأن الحكومة التي بدأت في التشّكُل مصيرها الفشل، فلا يوجد سوداني واحد ضد تقدم بلاده وانقاذ شعبه مما هو فيه من كوارث ومآسي، وان الواقع الذي نعيشه واضح للعيان، لكن برغم ذلك نقول عسى ولعل بل نأمل خيرا في أن يجد الأخ البروف معز المساحة المطلوبة ليستثمر كفاءته وخبراته الطويلة وعلاقاته الواسعة مع كبار العُلماء والأطباء والمؤسسات العلمية والطبية حول العالم، من أجل بناء منظومة صحية تعيد إلى السودان بعضًا من عافيته المفقودة.

بطبيعة الحال أن الغالبية من الذين يعرفون الأخ البروف معز عمر بخيت قد عبروا عن أشفاقهم عليه من خوض هذه التجربة وأنا واحد منهم، خاصة وان معز بخيت كان على الدوام نصيرا لثورات الشعب السوداني ضد الأنظمة الديكتاتورية وقد لمع نجمه في ثورة ابريل 1985م مرورا بانتفاضة سبتمبر 2013م، ثم ثورة ديسمبر 2018م.

[email protected]