مقالات وآراء

لا علاج حتى الآن: ادعاء جامعة الخرطوم بدواء للإيدز يفتقر إلى الدعم السريري

حسن موسى

أعلنت جامعة الخرطوم عن اكتشاف دواء جديد لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز. طُوّر هذا الدواء من خلال بحث مشترك بين جامعة الخرطوم، بقيادة البروفيسور مصطفى إدريس البشير، وجامعة كوماموتو في اليابان. وتعتزم كلية الطب بجامعة الخرطوم عقد مؤتمر صحفي غدًا الأربعاء للإعلان عن اكتشاف الدواء.

هل هذا صحيح؟

يجب الحذر من أي شيء قادم من السودان – فالادعاءات غير المألوفة، مثل علاج جديد لفيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، تحتاج إلى التحقق من صحتها من مصادر علمية موثوقة. وفي هذه الحالة، هناك أمر جدير بالملاحظة.

قُبلت دراسة مُحكّمة مؤقتًا من قِبل مجلة Frontiers in Pharmacology، وهي مجلة دولية مرموقة. تُفصّل الدراسة بحثًا مشتركًا بين جامعة كوماموتو في اليابان وجامعة الخرطوم، بقيادة البروفيسور مصطفى إدريس البشير. تستكشف الدراسة عوامل عكس تأخر فيروس نقص المناعة البشرية-1 المُستخلصة من نباتات طبية سودانية، وتحديدًا مُركّب يُسمى gnidilatidin من نبات Gnidia kraussiana.

أظهر هذا المركب فعالية واعدة في عكس فترة خمود فيروس نقص المناعة البشرية ومنع دخول الفيروس، وهما خطوتان أساسيتان نحو القضاء عليه.

مع ذلك، إليكم التفاصيل:

هذا ليس علاجًا أو دواءً مكتمل التطوير بعد.

يُعدّ هذا المركب مرشحًا رئيسيًا للعلاجات المستقبلية، ويحتاج إلى مزيد من التحسين الدوائي.

تم قبول المقال مؤقتًا، مما يعني أنه لم يُنشر بالكامل أو يخضع لمراجعة الأقران في صيغته النهائية.

لذا، بينما قد يكون المؤتمر الصحفي السوداني حقيقيًا والحماس مفهومًا، فإن الادعاء بوجود “دواء جديد لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز” سابق لأوانه. إنه اكتشاف واعد، ولكنه ليس علاجًا معتمدًا سريريًا.

دعونا نشرح هذا الأمر خطوة بخطوة حتى يكون واضحًا وكاملًا وسهل المتابعة. هذا الاكتشاف مثير، لكن من المهم فهم معناه الفعلي – وما لا يعنيه.

ما الذي تم اكتشافه؟

اكتشف باحثون من جامعة الخرطوم (السودان) وجامعة كوماموتو (اليابان) مركبًا طبيعيًا يُسمى “جنيديلاتيدين”، موجودًا في نبات سوداني يُسمى “غنيديا كراوسيانا”. يُظهر هذا المركب فعالية واعدة في مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية (HIV)، ولكن ليس بالطريقة التي يعتقدها معظم الناس.

ما وظيفة هذا المركب؟

فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) مُعقد لأنه يختبئ في الجسم. حتى عندما يكون الشخص مُعالجًا ويبدو أن الفيروس قد اختفى، فقد يبقى كامنًا في الخلايا – وهذا ما يُسمى “كمون فيروس نقص المناعة البشرية”.

يقوم “جنيديلاتيدين” بوظيفتين:

يُعيد تنشيط فيروس نقص المناعة البشرية الكامن: يُوقظ الفيروس الكامن ليتم استهدافه وتدميره.

يمنع دخول الفيروس: يُساعد على منع فيروس نقص المناعة البشرية من دخول خلايا جديدة.

هذا التأثير المزدوج مُهم لاستراتيجية تُسمى “الصدمة والقتل”:

الصدمة: إيقاظ الفيروس الكامن.

القتل: استخدام الأدوية أو جهاز المناعة لتدميره.

هل هذا علاج؟

ليس بعد. إليكم السبب:

تم اختبار هذا المركب في المختبرات، وليس على البشر.

إنه مرشح رئيسي، أي أنه واعد ولكنه يحتاج إلى المزيد من الاختبارات.

لم يخضع للتجارب السريرية المطلوبة لإثبات سلامته وفعاليته على البشر.

لم تتم الموافقة عليه من قبل أي جهة صحية مثل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية أو منظمة الصحة العالمية.

لذا، على الرغم من أنه خطوة علمية هامة، إلا أنه ليس دواءً أو علاجًا نهائيًا.

لماذا لا يزال هذا مهمًا؟

إنه يضيف أداة جديدة إلى الجهود العالمية المبذولة لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية.

إنه يُبرز قيمة الطب التقليدي – النباتات السودانية في هذه الحالة.

إنه يُظهر كيف يُمكن للتعاون الدولي (السودان واليابان) أن يُؤدي إلى إنجازات.

هل نُشر في مجلة مرموقة؟

نعم – نوعًا ما. تم قبول البحث مؤقتًا من قِبل مجلة Frontiers in Pharmacology، وهي مجلة دولية مرموقة. هذا يعني أنه اجتاز المراجعة الأولية ولكنه لم يُنشر بالكامل بعد. بمجرد الانتهاء منه، سيكون متاحًا للعامة وخاضعًا لمراجعة الأقران.

ماذا عن المؤتمر الصحفي؟

أعلنت جامعة الخرطوم عن مؤتمر صحفي لإعلان الخبر. لا بأس بذلك، ولكن من المهم عدم الخلط بين المؤتمر الصحفي والدليل العلمي. فالإثبات الحقيقي يأتي من:

نشر مُراجع
تكرار مستقل
تجارب سريرية

الخلاصة

هذا ليس علاجًا سحريًا، ولكنه اكتشاف علمي حقيقي قد يساعد الباحثين على تطوير علاجات أفضل في المستقبل. إنها خطوة للأمام، وليست نهاية المطاف.

فهل يُمكننا القول إن جامعة الخرطوم تُبالغ؟

من المُنصف القول إن جامعة الخرطوم قد تُبالغ في تقدير آثار هذا الاكتشاف، على الأقل في طريقة نشره علنًا.

إليكم التفاصيل:

ما هو حقيقي؟

البحث أصيل وسليم علميًا.

أُجري بالتعاون مع جامعة كوماموتو في اليابان.

أظهر مُركب جنيديلاتيدين نتائج واعدة في الاختبارات المعملية لاستهداف فيروس نقص المناعة البشرية.

قُبلت الدراسة مؤقتًا من قِبَل مجلة مرموقة (Frontiers in Pharmacology).

ما هو مُبالغ فيه؟

وصفه بأنه “دواء جديد لعلاج فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز” أمر سابق لأوانه. → لم يخضع لتجارب سريرية. → لم يُعتمد من قِبَل أي جهة صحية. → غير مُتاح للاستخدام لدى المرضى.

لماذا كل هذه الضجة؟

غالبًا ما تهدف المؤتمرات الصحفية إلى إثارة الحماس، وخاصةً للفخر الوطني أو التقدير المؤسسي. لكن في العلم، الحذر والدقة أهم من العناوين الرئيسية.

لذا، صحيح أن الإعلان يبدو مُبالغًا فيه، لكنه ليس مُختلقًا. العلم حقيقي، لكن التأطير هو ما يُضخّمه.

تعليق واحد

  1. مقال مكتوب بماء الذهب ليس فيه انتقاد للباحثين النجباء لكن توضيح مبسط للقارئ العادي خطوات البحث العلمي التي بواسطتها تكتسف مختلف انواع الادوية…قد يكون هناك تعمد في اضفاء انجاز لم يتحقق بعد وذلك من ادارة الجامعة واعلامها وذلك بناء علي اجواء حرب الكرامة وزي ما العساكر غشونا بانجازات وهمية وتحير في ازبوع ازبوعبن ادارة الجامعة عايزة تظهر بانجاز وهمي عشان تقول نحن هنا ومافي حد احسن من حد ….الافضل الناس تركز علي معاشها ماء صحي،صحة واكل قبل ما تزاحم باقي العالم في شئ لا تحسنه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..