«أزهري في المطار» و«عيون زرُّوق» كانت أشهر تقليعاته «الثوب السوداني» .. قصة العراقة والإرث التليد تحكيها «حبوبة ثريا»

الخرطوم- ندى مبارك
الثوب السوداني.. احتفظ بخاصيته الفريدة، ومرّ عبر مئات السنين بمراحل تغيير وتطوير متعددة.. إلا أنّه ظلّ محافظاً على هيئته ورونقه، ومازال أغلى قطعة قماش تُباع على امتداد مساحة بلادنا..
«الأهرام اليوم» جلست إلى حبوبة (ثريا)، وهي امرأة عاصرت الإنجليز وهتفت ضدهم و«زغردت» لاستقلال السودان، فقالت وهي تجلس على عنقريبها «الهبّابي»: في السابق كانت الفتيات يرتدين الفساتين التي تُسمى تفصيلتها (الكلوش).. وأخرى تُكسر من الوسط وتُسمى بـ (الكشكشة) ويصحبها نصف الكم «الطائر».. ويرتدين معها الطرح، ولم يكن هناك ما يُسمى بالبنطلون أو الإسكيرت.
أما ما يُميز النساء كبيرات السن فهي الجلابية النسائية ذات الكم الطويل.. ومن أسماء تفصيلاتها «الصفرة» وتكون ضيقة من الوسط وترتديها النساء مع أنواع الثياب المختلفة مثل «الفردة» ذات الخطوط العريضة والألوان المختلفة وكذلك «الفُراد» السادة، وتُصنع محلياً وتُسمى بـ (الكِرِب السادة).. ذلك الذي تغني له شعراء الحقيبة (الكِرِب السادة جابتني ليك إرادة).. ومن أبرز مصانع الفُراد: الكمال، والنوراب بشندي.
وأحضرت لنا الحاجة ثريا محي الدين التي التقيناها بمنزلها «فردة» تحتفظ بها منذ خمسة وستين عاماً، وقالت بأنها تتفاءل بها كثيراً مثلها مثل الجرتق تماماً، وعندما تنجب إحدى بناتها تغطيها بها في أيامها الأولى، أو في حِنّة أولادها العرسان، وتعتبرها من باب الفأل والتراث.
وعن مسميات الثياب الأخرى أوضحت الحاجة ثريا أن هنالك الكثير، منها ثوب «محمد نجيب» وهو من «خيط الكِرِب» ويحتوي على أشكال مثل قشور السمك، ثم ثوب «أبو قجيجة» وفيه نقاط بارزة بالألوان المختلفة و«رموش العمايا» وبه خطوط تشبه رموش العين، وثوب «أحمد المصطفى» الذي تزامن مع ظهور الفنان أحمد المصطفى وهو يحتوى على الورود والأشجار، و«الزراق» الذي يُصنع من قماش (الساكوبيس) وأيضاً ثوب «الهاليبو» وكانت النساء يفتخرن به ويتغنين له بأغنية «الهاليبو القادر يجيبو والما قادر يسيبو»! وكانت تغنيها الفنانة «عائشة أم رشيرش» التي كانت تقطن بأم درمان، وكانت لها مكانتها ويعشقها كل من يستمع إلى أغانيها. وواصلت الحاجة ثريا سردها عن أسماء الثياب بقولها: كان يوجد ثوب «شم النسيم» الذي تغنى له الفنان الكبير أحمد المصطفى وهو من قماش التوتل وأشكاله دائرية صغيرة بالألوان المختلفة، و«ضلع الدكاترة» وأشكاله حلزونية بين كل ضلعتين، وثوب «عيون زروق» وهو السياسي المرموق مبارك زروق الذي كان واسع العينين، و«أزهري في المطار»، فقد كان الزعيم إسماعيل الأزهري رمزاً للسيادة وعلى يديه تم الاستقلال وله مكانة عظيمة في نفوس أهل السودان، وهو مصنوع من قماش الكِرِب ومخطط وكان جميلاً وكل امرأة تتمنى أن يهديها زوجها مثله.
ومن أنواع الثياب أيضاً ثوب «عزيزة» وهي ممثلة مصرية رائدة واسمها الكامل عزيزة أمير، فسُمِّي الثوب باسمها وعُرفت في مصر بـ «السفيرة عزيزة».
وقالت الحاجة ثريا: المرأة عندما ترتدي الثوب تبدو في قمة الحشمة والروعة التي تكسوها ألقاً وهيبة، فقد كان الكِرِب والتوتل قماشا إنجليزيا يأتي به التجار من بريطانيا، أما كِرِب عزيزة فيأتي من مصر وكانت الثياب رخيصة وأغلى ثوب بما يعادل «130-150» قرشاً، أما ثوب أزهري في المطار فكان الأغلى ويُباع بـ«170» قرشاً، وتوالت السنوات وظهرت ثياب الهزاز وأسعارها «28،23» جنيهاً والشيفون بـ «90 -100» ج والأحجار الكريمة «150-170» جنيهاً وأغلى من ذلك مما دعا إلى اغتنائها بالأقساط نسبة لارتفاع أسعارها.
وأخيراً يظل الثوب السوداني عنصراً مميزاً لوضع المرأة السودانية في المجتمع إن كانت متزوجة أو غير متزوجة، فهو محبوب وذو حظوة لكافة النساء السودانيات ذلك لألقه وجماله وسحره وبساطته في تمازجه البديع بين المحافظة والحشمة والمعاصرة.

الاهرام اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..