مناصب وزارية مغلفة بورق السلفان

ليس هناك شيء أضر ببلادنا أكثر من منهج المحاصصة، جهوية وقبلية كانت أو سياسية وحزبية، المحاصصة التي تعني تغليف مناصب الدولة بورق الهدايا اللامع وتقديمها كمكافآت من الحكومة للحلفاء أو أولئك المؤلفة قلوبهم نحو التحالف.. المحاصصة التي تعني تحويل مناصب الدولة إلى فرص ومنح لأشخاص وكيانات جهوية وحزبية دون مراعاة لأهلية من يتولون تلك المناصب وقدرتهم حتى على تصريف العمل في الموقع الذي يتولون أمره دعك عن تقديم جهد في تطوير العمل أو إنجاز شيء..

المحاصصة التي تجعل الحكومة تعمل بالمثل (أنا كافي خيري شري وماشي جنب الحيط) محاصصات بلا معايير فنية تضع مثل الأستاذ المحترم إدريس أبو قردة وزيراً للصحة دون سابق خبرة أو معرفة أو علاقة له بهذا المجال ثم ننتظره وتنتظره الوزارة الخدمية المأزومة – وزارة الصحة – سنوات حتى يكتسب المعرفة المطلوبة ويتعلم مهارات (الحلاقة على رؤوس اليتامى) كما يقولون.. وليس استدلالي بهذه الحالة من إلا من باب الاستشهاد بمثال واضح لكن معظم من تولوا مناصب بالمحاصصات في السنوات الماضية كانت حالهم وأوضاعهم مشابهة لوضع الأستاذ المحترم إدريس أبو قردة الذي كان من الممكن أن يكون أكثر فائدة في خدمة البلد من موقع آخر يتناسب مع خبراته ومجاله..

الآن وبحسب ما نشرته اليوم التالي عن مصادرها الخاصة فإن المؤتمر الوطني بصدد منح مواقع قيادية للأحزاب التي شاركت في الانتخابات مع العلم بأن الكثير من تلك الأحزاب صغيرة الحجم وفقيرة الكوادر لكنها ستنال حصتها من السلطة، ويبدو أن بلادنا ستظل غارقة في هذه الأزمة المنهجية الخطيرة أزمة المحاصصة ومنح السلطة ومكرماتها التي تعتمد على معايير لا علاقة لها بالتخطيط المطلوب لتطوير أداء الجهاز التنفيذي وتحقيق النهضة والتنمية..

ونقول بكل صراحة إن وزراء الحزب الحاكم قد تكون معايير اختيارهم أكثر علمية من معايير ترشيح تلك الأحزاب الصغيرة والفقيرة لمن يشغل المناصب الممنوحة لهم..

ولا أظن أن حزباً في السودان صغر حجمه أو كبر سيعتذر عن تولي منصب يتم منحه له لأنه لا يرى بين كوادره من هو مؤهل لشغله.. فكل من سيقولون له (سمين حا يقول آمين) وسيقول نعم لدي الكادر الذي يشغل المنصب.. النماذج كثيرة، نماذج الفشل في تجربة الوزراء والمساعدين الذين يجلسون في مناصبهم (لا يجدع ولا يجيب الحجار) مثل ابن الميرغني جعفر الصادق وكثيرين.. المنهج خطير وأوضاع البلاد لا تتحمل والله وخير لنا أن يكون هناك طاقم مؤهل مؤلف من حزب أو حزبين فقط أفضل مليون مرة من تشكيلة وزراء وشاغلي مناصب قيادية توثق لمشاركة ثلاثين أو اربعين حزباً لكن الحصيلة الفنية وحصيلة الأداء هي الصفر المعظم.

شوكة كرامة

لا تنازل عن حلايب وشلاتين.
اليوم التالي

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..