أهمية التغريد جوه الجك..!

أهمية التغريد جوه الجك..!

سيف الحق حسن
[email][email protected][/email]

نشأنا في جيل كان يضحكه كثيرا إسماعيل يس وينفعل بمشاهد المسلسل الوحيد الذي يعرض على شاشة التلفزيون القومي. وأذكر إن في إحدى المسلسلات كان لدى البطلة نفس طول شعر امها فكان الجميع يردد حتى صرنا نعتقد ان أمها هي التي ورثتها (جبدتها) بهذه الضفائر المسدلة!. كنا نستقي الأخبار من إذاعة البي بي سي ونسترق السمع من إذاعة امدرمان. وهما بالنسبة لنا المصدرين الموثوق بهما للأخبار الصحيحة لأنها الوحيدة المبذولة. من جيلنا كان من يلتهم الكتب إلتهاما ولديه ثقافة بلا حدود.
أستشعر سؤوالك لي: طيب وما دخل هذا بالموضوع؟ دخل هذا بأن البعض يعيب ويتهكم على جيل الشباب القائم بأنه غير ملتزم ومهتم. قد تكون هناك بعض الصفات السلبية ولكن هم جيل خلقوا لزمان غير هذا الزمان. فنحن جيل كبر على السمع والطاعة والإنطباعية بأخذ أراء الكبار دون نقاش والخوف من كلام الناس. كنا بسطاء كبساطة الحياة من حولنا. ربما لا يعرف هذا الجيل من المعاني التي كنا نعرفها والتي شوهِت ولم تجد من يفهمها لهم فضاعت وطويت بين النسيان. واللوم علينا نحن وليس على هذا الجيل.

فجيل الفيسبوك والتويتر غيرنا. فهم جيل يعتمد الكتابة أكثر من السمع. وعندما أقول الكتابة فأعني شقيها تلقيها أولا (أي القراءة) ومن ثم إنتاجها. والقراءة التي يعتمدونها هي القراءة السريعة كالخطف والنتر كرياضة رفع الأثقال.
وهنا حكمة قرآنية لابد ان نشير إليها. فالله تعالى يقول: ((إقرأ بإسم ربك الذي خلق،..،إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم، علم الإنسان ما لم يعلم)) [العلق: 1-4]. وأقسم الله عز وجل بالقلم وما يسطر به. فالكتابة غير منفكة من القراءة أبدا.
فالمواقع الإلكترونية اتاحت لهذا الجيل الكتابة وزادت الوعي. فالذي يكتب جيدا يكون له معجبين وغير ذلك إنها أتاحت مبدأ تبادل الأفكار والأخذ والرد كتابيا. ففي رأيي هذا سيثري الديمقراطية ومفوهما ومبدأ تقبل وإحترام الآخر المختلف. وبعيدا عن السياسة فهي ستغير ذوق الناس الجمالى بطريقة غير مباشرة. والكتابة تنشط الذاكرة الغربالية. فتجد إذا صرح أحد الزبانية تصريح مخالف عما قاله من مدة، أو عن وعد قطعه، تجد الأقلام تلهب ظهره وتضعه في علبه.

التعليق أو التغريد يعلم الكثير من ألوان الكلام: جد وهزل، ناعم وجاف، والأهم المختصر والجذاب. لذلك تجد الخروج عن التنميط والنموذج الواحد الذي اتفرض على الجميع فى التعليم التلقيني. التغريد يعلمنا كيف نصبح متمردون، ونعبّر عن أنفسنا، ونثق فيها. يعلمنا التنافس كيما يصير لنا أسلوبنا المميز، وأفكارنا الذاتية الخاصة. والأهم أننا نتعلم الحس الإنساني. فحفظ الكلام وقراية عدد أكبر من الكتب والقدرة على النطق بالمصطلحات ليس هو الفارق بين إنسان وإنسان، فالفرق هو الرؤية والتي يمكن ان نسميها الشخصية. فكلما زادت رؤية الشخص وكتابته من عدة زوايا كلما يعني أن حسه الإنساني عالي. فالتغريد هو العجلة التي ستسهم مساهمة فعالة في التخلص من العقلية السلبية وازكاء العقلية النقدية ومن ثم إحداث التغيير الحقيقي في الشخصية السودانية.

وبرغم البرنس والحوت ومحاولة إلهاء هذا الجيل وتغييبه فإنه الجيل الذي سيأتي حاملا للشمس المشرقة في ربوع الوطن. على الأقل إنه لا يضحكه إسماعيل يس ولكنه يستغرب ويتحسر كيف سكتت الأجيال من قبله على أن يحكمهم ويمثل عليهم -وليس يمثل لهم- ويعبث ببلدهم، أمثال اللمبي واخوانه. فهو لا يطلب من جيل قد هرمنا إلا أن يقيف معه وقفة رجل واحد ليحقق الحلم قبل أن يتكل.

زر الذهاب إلى الأعلى

انت تستخدم أداة تمنع ظهور الإعلانات

الرجاء تعطيل هذه الأداة، فذلك يساعدنا في الأستمرار في تقديم الخدمة ..